إسمح لنفسك أن يتخللها هذا النور

أيها المسلم عد إلى ربك وكتابه وانهل منه زاد الروح وحياة القلب .

ذلك أنك إذا أردت أن تعيش في ملكوت الله بين الملأ الأعلى إلا أن تفتح صفحات قلبك لتملي عليها صفحات كتاب الله سطرا سطرا .....

لتصفوا روحك بكلماته وتزكو نفسك بمعانيه ..

انظر إليه بعين الفرك والتدبر قبل أن تنظر إليه بعينك المجردة ...

وقف أمام حكمه وعبره موقف الخاشع المتبتل واتل آياته تلاوة راغب وجل ..

حينئذ – فقط – تعرج روحك مع آياته إلى الملأ الأعلى فلا تعود إلا وفيها قوة خفية تهز كيانك وتوقظ مشاعرك وتحرك وجدانك نحو الاتصال بالله ، لتتحول أنت إلى قوة لا تؤثر بها الأهواء مهما عظمت ، ولا تغريها الشهوات مهما استفحلت ......

بل إنها لتواجه في نفسك أعاصير تمور بها مورا وتبددها وتذروها كما تذرو الرياح الرماد ...

هذه هي القوة الروحية التي أوجدها القرآن فيك تضعف أمامها الشدائد والمحن وتصغر أمامها المصائب وإن كبرت ...

وهذه القوة الروحية لتتهاوى أمامها الحجج وتتهافت الحجج الزائفة فلا تنال منك إلا ما يجعلها تنحسر إلى زاوية ضيقة تحشر بها حشرا ؛ فتكون – حينئذ – وبالا على صاحبها ..

وحينها – فقط – يلمع نجم الحقيقة من القرآن وترسل أشعة الهداية من نور الله ( الله نور السمو ات والأرض )

فلا يصرف عن هذا النور إلا من صرف قلبه عن القرآن وأعرض عنه ونأى ..(يهدي الله لنوره من يشاء ) .

أرأيت حين يتشبع القلب بتلك القوة الروحية كيف يتحول إلى خلق آخر يعيش في عالم من النور لم يكن يفصل بينه وبين هذا النور إلا مسافة التأمل في فقه الآيات والتدبر لمعانيها ..

فالقرآن – إذا – هو همزة الوصل بينك وبين النور الإلهي ..

فعند التدبر يكون جسد في الأرض وروحك قد عرج بها إلى الملأ الأعلى ..

وهكذا عروجها وقت الممات أطيب ما تريد وأحسن ما تسمع حين يقال : (ضعوا كتاب عبدي في عليين )...