استخدم فيها الطلاب والمعلمون خامات مستهلكة "إبداعات من نفايات” أعمال تحتفي بالبيئة

سعياً لتعزيز الوعي البيئي في المجتمع وغرس الثقافة البيئية في النشء، وصقل مهارات الطلاب المبدعين . أطلقت بلدية دبي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ممثلة في منطقة دبي التعليمية، مسابقة “إبداعات من نفايات” التي تأتي ضمن حزمة من المسابقات، والنشاطات البيئية التي تنوي البلدية طرحها في المستقبل لترسيخ مفهوم الوعي البيئي لدى الأجيال المقبلة، وإبراز مواهبهم وصقل مهاراتهم . المسابقة التي تنافس عليها المئات من الطلاب والمعلمين، أطلقت العنان للموهوبين لاستخدام النفايات والخامات المستهلكة، من إطارات سيارات، وزجاجات فارعة، وأخشاب، وسيراميك، وحبال، وأقمشة، إضافة إلى الأوراق، وبطاقات الشحن الفارغة، والملابس القديمة . لإعادة صياغتها في أعمال فنية، يمكن استخدامها كقطع وظيفية وديكورية جذابة .
وعن المسابقة بحسب حمدة المر المهيري، رئيس فريق التوعية والإدارة المستدامة للنفايات في بلدية دبي، تهدف إلى إنتاج أعمال فنية متنوعة من النفايات الورقية والبلاستيكية، والمعدنية، والمخلفات الإنشائية، والحجرية، إضافة إلى الإطارات . مما يحقق توعية طلاب المدارس بأهمية تقليل النفايات، وكيفية الاستفادة منها وإيجاد أنسب الطرق لإعادة تدويرها . كما تحفزهم مثل هذه المسابقات على إبداع أعمال فنية، سيتم عرضها لاحقاً في أماكن بارزة، مثل الحدائق العامة بإمارة دبي أو مدينة الطفل، أو المؤسسات الحكومية، مما يعزز ويرسخ ثقافة تدوير النفايات لزوار هذه الأماكن . وتضيف: من ضمن الأهداف التي سعينا إلي تحقيقها أيضاً، تحقيق التوجه الاستراتيجي الثالث لإمارة دبي، وهو ضمان بيئة نظيفة ومستدامة، والرامي الى تحقيق الهدف الاستراتيجي الخامس في الحفاظ على نظافة كافة مناطق الإمارة . وتوعية طلبة وطالبات المدارس، وإعطاء صورة إيجابية للأعمال الفنية التي تنفذ كاملة من النفايات . كما هدفنا إلى دعم المؤسسات التعليمية لجهود بلدية دبي في تقليل النفايات .
بالمركز الثاني فازت فاطمة راشد خلفان، طالبة بمدرسة الظهرة الإعدادية بدبي، حيث حولت إطارات السيارات بعد تقطيعها، إلى قاعدة تحمل مجموعة من الزهور والإوز . في منظر طبيعي أخذ منها قرابة 12 يوماً من العمل المتواصل .
عن الجائزة والعمل تقول: استخدمت الإطارات المستعملة وأخذت مني قرابة أسبوعين لقصها لتلائم الشكل المطلوب، بعدها استخدمت أفرع النباتات الجافة لنشرها في أرجاء اللوحة، ومن ثم قمت بتلوينها بعد أن جفت من غراء التثبيت .
وعن شعورها بالفوز بالجائزة تضيف: شعرت بسعادة غامرة عندما أبلغتني معلمتي الفوز بإحدى الجوائز لأن العمل أخذ مني الكثير من الوقت والجهد .
أما سيف السبوسي، طالب في الصف السادس في مدرسة محمد بن راشد النموذجية ففاز بالمركز الثالث، عن مجسم “الشطرنج”، حيث استخدم عبوات المياه البلاستيكية الفارغة بأحجامها المختلفة، وقطعة من الفلين الرقيق باللون الأسود والأبيض، والخشب بمقاس 130سم *120سم . كما استخدم الطين الصلصال لتصنيع رؤوس قطع الشطرنج التي بلغ مجموعها 32 قطعة . واستخدم ألوان الرش لتحديد أماكن القطع، ومادة لاصقة لتثبيتها على القاعدة الخشبية .
عن مشاركته وفوزه بالمركز الرابع يقول: سبق لي ان نفذت العديد من الأعمال والمجسمات، مثل عمل عن البركان، وآخر عن الأهرامات . ولكن هذه هي المرة الأولى التي أفوز بها في أحدى المسابقات، ما يشعرني بسعادة كبيرة .
عن عملها الفائز بالمركز الرابع تقول نهال السعدني، معلمة في مدرسة الظهرة الإعدادية في دبي، شاركت في المسابقة بأكثر من عمل، واستخدمت مخلفات السيراميك متعدد الألوان، في رسم شعار بلدية دبي، إلى جانب علم الإمارات بألوانه الزاهية، كما استخدمت إطارات السيارات الملقاة في الشوارع، كأرجل لطاولة كبيرة يمكن الاستعانة بها في الحدائق العامة، بينما نفذت سطح الطاولة من كسر السيراميك .
وتقول: يمكن للأشخاص العاديين الاستعانة بالخامات المستهلكة المحيطة بهم، والتفكير في إعادة تدويرها قبل إلقائها في المهملات . لأنها من ناحية تشكل خسارة كبيرة لهم كخامة، ومن أخرى تقلل من حجم النفايات الملقاة في بيئة الإمارات .
وحول استخدام ثقافة إعادة تدوير النفايات في مدرستها تضيف: نفذت لوحة كبيرة على مساحة 20 متراً على سور المدرسة، باستخدام أنواع مختلفة من السيراميك الملقى حول البنايات حديثة الإنشاء، واستخدمت ألوانه وأنواعه المختلفة في إبراز جمال اللوحة والفكرة التي لاقت استحسان الجميع .
تقول الدكتورة هيا سيفان، رئيسة قسم الأنشطة في منطقة دبي التعليمية، إن مسابقة “إبداعات من نفايات” جاءت نتيجة للتعاون المثمر بين بلدية دبي ووزارة التربية والتعليم ممثلة في منطقة دبي، حيث أطلقت البلدية مبادرة تهدف إلى إعادة تدوير النفايات، والمخلفات في أشكال فنية مبتكرة . وبتعميم المشروع على المدارس حصل فريق العمل على عدد من المجسمات، والأفكار الجديدة في مجال توظيف وتطويع الخامات المستهلكة . وبدلاً من أن يكون مكان المهملات مكبات النفايات، صيغت في أعمال فنية أبهرت الحضور في المعرض الذي أقامته المنطقة .
وعن الخامات التي استخدمها الطلاب تقول: أطلقنا العنان للطلاب ليختاروا ما يحلو من مواد مستهلكة، من قوارير زجاجية وبلاستيكية، وعبوات مياه غازية، وأقمشة، وإطارات سيارات قديمة، والأكواب والصحون البلاستيكية، وكل أنواع الخيوط، إضافة إلى الملابس القديمة، الخشب، وكسر السيراميك، وغيرها من النفايات . وتضيف: حقق المشروع عدداً من الأهداف المباشرة، أهمها أننا اكتشاف العديد من الطلاب المبدعين، والأفكار الرائعة التي أبدعها الطلاب في مساعدة معلمي التربية الفنية في مدارسهم . كما أظهرت المسابقة طرق استخدام النفايات في أعمال فنية، يمكن الاستفادة منها واستخدامها مرة أخرى في البيوت والحياة اليومية . من لوحات، وطاولات، ومزهريات صيغت جميعها من نفايات . أما الهدف الأسمى هو نشر الوعي وثقافة الحفاظ على البيئة بين النشء والأجيال الصاعدة، والتي يجب أن تتحلى منذ الصغر بقيم الحفاظ على بيئتهم نظيفة وجميلة .
يوضح حسن البنا، موجه تربية فنية في منطقة دبي التعليمية، وعضو لجنة تحكيم المسابقة، أن الفنان حين يوجه ناظراه تقع عينه على الجمال في كل مكان، حتى في سلة المهملات، حيث يمكنه تطويع الخامات التي يراها من حوله عديمة الفائدة إلى أعمال فنية مبهرة .
وعن المسابقة يقول: طلب من كل طالب ومعلم يود المشاركة في المسابقة مشروع تكون الفكرة المبتكرة هي المحرك الأساسي له، لأن الكثير من مسابقات إعادة التدوير، استهلكت الكثير من الأفكار . كما فتح لهم المجال لاستخدام أية خامات قديمة يمكن تطويعها في أعمالهم الفنية، شريطة أن تكون نظيفة يمكن تضمينها في عمل فني يستفاد منه .
ويضيف: المسابقة هي التجربة الأولى التي على مستوى المنطقة، ولكنها لاقت قبولاً كبيراً لدى الطلاب والمعلمين والمسؤولين في المنطقة والبلدية، لأنها تحمل أكثر من معنى ولها أكثر من هدف، أهمها على الإطلاق تحميل الجيل الجديد بثقافة الوعي البيئي، والتقليل من المهملات بإعادة تدويرها واستخدامها .
وعن تجربته الشخصية كموجه وفنان يقول البنا: نفذت لوحة توثق لتاريخ ودور المرأة والأم الإماراتية، على مساحة مترين تقريباً، استخدمت فيها ما يزين عن مليوني بطاقة شحن ورقية رماها مستخدمو الهاتف النقال بعد تعبئة الرصيد . بأسلوب الفسيفساء البانورامية، حيث ثم قص البطاقات ولصقها لخدمة فكرة ومضمون اللوحة، إضافة إلى مراعاة تناسق البطاقات .
يقول حسين غلام، رئيس قسم الدعم الإداري والمتعاملين بالبلدية، على أن رعاية البلدية للمسابقة جاء احتفاء بأبنائنا الطلاب، وجهود المعلمين والمعلمات، وإيماناً منا أنهم يتحملون أمانه صيانة الفكر وبناء الأجيال . وأن المسابقة جزء من حزمة عريضة من المسابقات، والنشاطات البيئية التي ستقوم البلدية بطرحها في المستقبل . لترسيخ مفهوم الوعي البيئي لدى النشء، لإبراز مواهبهم وصقل مهاراتهم وخبراتهم .
ويضيف: أبهرت الأعمال التي أبدعها الطلاب والمعلمون من النفايات الحضور، ورفعت سقف توقعات المسؤولين في التعاون المستقبلي في فعاليات، تهدف إلى رفع الوعي البيئي والتقليل من النفايات، وإعادة تدويرها في أشكال وأعمال فنية .
وينوه غلام إلى التكامل المؤسسي، والشراكة المجتمعية بين الوزارات والمؤسسات، والهيئات الحكومية والخاصة، وتفاعلها الإيجابي مع الحملات والبرامج والأنشطة البيئية . من توعية، وتثقيف، وإثراء الوعي البيئي .
يشير عبد الله الغفاري، رئيس شعبة خدمات المتعاملين في البلدية، إلى حرص إدارة النفايات على نشر الثقافة والوعي البيئي بين طلاب وطالبات الجامعات والمدارس الحكومية والخاصة بجميع مراحلها الدراسية، لرفع مستوى الوعي البيئي لديهم ومشاركتهم في أنشطتهم البيئية على مدار العام، والإسهام في تعرف النشء على مفاهيم البيئة ومشكلاتها، وغرس العادات والممارسات البيئية السليمة سعياً للمحافظة عليها وحمايتها .
وعن الهدف من المسابقة يقول: سعينا من خلال مسابقة “إبداعات من نفايات” إلى تحسين الوعي البيئي بين أفراد المجتمع، مستهدفين المؤسسات التعليمية بالإمارة، للتفاعل مع أهداف إدارة النفايات والخطة الاستراتيجية للدائرة نحو الحفاظ على نظافة البيئة . كما تظهر المبادرة حرص إدارة النفايات ببلدية دبي على دعم المسيرة التعليمية، ونشر الوعي البيئي بالمؤسسات التعليمية، ومعالجة المشكلات والقضايا البيئية . المتمثلة في زيادة نسبة معدلات إنتاج الفرد من النفايات سنوياً، حيث تقدم الإدارة برامج توعوية وورش عمل لطلبة الجامعات والكليات والمدارس الحكومية والخاصة، بهدف رفع وعيهم البيئي، وخلق إدراك شامل ووعي بالمسؤولية، والواجبات تجاه الحفاظ على نظافة البيئة التي يعيشون فيها .
تحقيق: مصطفى عبد الرحيم