في الوقت الذي تسعى فيه معظم الفتيات في العالم لا سيما النجمات المشهورات في عالم السينما والفن والموضة إلى إنقاص أوزانهن والحفاظ على رشاقتهن وأن تكون بأحجام ومعايير معينة لاكتساب الجاذبية أكثر في الملبس والحضور العام والصحة، بات عدد من الفتيات السعوديات يحرصن على فعل العكس من ذلك عبر سعيهن لزيادة أوزانهن بطرق مختلفة بعضها يعتمد على برنامج غذائي وتناول أعشاب ووضع الكريمات الخاصة بالتسمين.
وكشف عدد كبير من هؤلاء الفتيات أن السبب الحقيقي لهوسهن بزيادة أوزانهن لا يتعلق بمسايرة خطوط الموضة، إنما هو وليد ثقافة وتربية وتقاليد المجتمع، كما أنه بالدرجة الأولى رغبة منهن في كسب قبول المتقدم للزواج، لعلمهن من خلال الدواوين والجلسات النسائية المغلقة أن الكثير من الشباب السعودي المتقدم للزواج يفتش عن فتاة ممتلئة القوام، وليس كما هو رائج في الفضائيات وبرامج الرشاقة، عن أن الشباب يبحث عن فتاة نحيلة أو نحيفة.
وفي هذا الصدد، شدد استشاري في أمراض الوزن والسمنة على ضرورة إيجاد مجتمع تتغير فيه معايير الجمال للمرأة بصفة خاصة، معتبراً أن السمنة المفرطة والنحافة المفرطة كلتيهما أمر غير مستساغ من الناحية الطبية والنفسية، ولا بدّ من مراعاة المعايير العلمية المتوازنة التي تحفظ الصحة في الدرجة الأولى.
وقد استطلعت جريدة "الوطن" السعودية رأي عدد من السعوديات بشأن هوس البعض من الفتيات بزيادة وزنهن، والبداية كانت مع الطالبة الجامعية هدى العمري، والتي التقينا بها في أحد المستشفيات الخاصة، حيث قالت: "إنها اضطرت لزيارة طبيب الغدد للكشف عن أسباب نحافتها وإيجاد حل يعمل على زيادة وزنها بصورة طبيعية"، مبينة أنها "تحلم بوزن مرتفع نسبيا فقد ملت من سخرية الفتيات في عائلتها منها كونها أصغرهن وزنا"، موضحة أنها "تواجه صدوداً ورفضاً من الشباب الذين يطرقون باب ذويها للبحث عن فتاة للزواج عندما يرون مدى نحالتها"، مؤكدة أن "تجربتها الشخصية تثبت أن الشباب بشكل عام يبحث عن فتاة ممتلئة القوام نوعاً ما"، قائلة: "إن الشباب وعلى عكس ما يشاع يرغبون بالفتاة الممتلئة وليست الرشيقة أو النحيفة".
وأضافت العمري "قمت بتجربة الكثير من الطرق والوصفات لأزيد من وزني، بدءا من أعشاب التسمين والعسل الخاص بالتسمين المخلوط بالمكسرات، بالإضافة إلى شرب ما يصفه بعض المجربين من الحليب والبيض والتمر في الصباح، وكل ذلك من أجل زيادة وزني، ولكن بلا فائدة، حيث لم تجد أي من تلك الطرق والوصفات في زيادة وزني، لذلك آثرت زيارة الطبيب الخاص بالغدد".
وبينت عالية عسيري أنها "أصيبت في فترة من حياتها بمرض السمنة وبعد أن اتبعت برنامج غذائياً واستخدمت حبوبا منظمة للوزن، ومارست الرياضة بصفة مستمرة انخفض وزنها حتى وصلت لدرجة مرضية من الوزن الطبيعي المتوائم مع الطول"، لافتة إلى أنها "لمحت الفرق في عدد المتقدمين للزواج منها قبل وبعد تخفيض وزنها حيث كانوا أكثر قبل أن تخفض وزنها". وأضافت "أعتقد أن السبب يعود لكون والدة المتقدم للزواج تعطي صورة إيجابية لابنها حين تكون العروس ممتلئة بسبب اعتقادهن أن السمنة ترتبط بالصحة، إلى جانب الصورة النمطية التقليدية التي توحي بأن السمنة والامتلاء من صفات الغنى واكتفاء الفتاة في بيت أهلها".
كما أكد الشاب يحيى عسيري أنه فعلا عند إقباله على الزواج اشترط على والدته أن تكون زوجته ممتلئة الجسد بصورة مقبولة، مبينا أن معظم الشباب يفضلون هذا النوع من الفتيات لأنهن يملن للجمال أكثر من الفتيات النحيلات كثيراً.
وأشار تركي البقمي وهو متزوج، إلى أنه يعتقد أن رغبة الشباب في الارتباط بزوجة ممتلئة الجسد تعود لاعتقاد القدامى بأن السمنة تدل على الصحة وهذه نظرة متوارثة، ثم ورث هذه النظرة لنا الأشعار القديمة التي تصف المحبوبة بامتلاء الجسد كدليل قاطع على الجمال، ومن هذين المنظورين تشكلت هذه القناعة لدى الشباب، فيما هنالك من الشباب من يرغب بالارتباط بالفتاة منخفضة الوزن تقليدا لفتيات الفضائيات وعارضات الأزياء.
كما لفت الشاب عبد الله الغامدي إلى قصته حين اضطر لفسخ خطوبته بعد رؤية خطيبته التي انخفض وزنها بعد أشهر من الخطبة، مبينا أنه رضي بها بعد النظرة الشرعية بسبب امتلاء جسدها بصورة يتمناها فيمن سيرتبط بها كزوجة، وحين انخفض وزنها ولم تتمكن من استعادته اضطر للانسحاب وفسخ الخطبة والبحث عن زوجة أخرى.
وعن كون هنالك ما قد يغطي على هذه الصفة، أشار إلى أن الأخلاق والرقة والجمال النسبي في الوجه أمور مهمة لكن حين يرتبط تفكير الشخص في أحلامه بصورة معينة لزوجته التي ستكون أما لأبنائه مستقبلا ولا يستطيع أن يراها إلا بهذه الصورة التي رسمها لها فمن الصعب أن يقتنع بها وقد تغيرت، لاسيما وأنها هي من قامت بعمل برنامج غذائي لإنقاص وزنها ثم لم تتمكن بعد ذلك من استعادته.
ومن جانبه كشف استشاري أمراض الوزن والسمنة بمستشفى القوات المسلحة بالجنوب الدكتور وليد سعيد أبو ملحة عن أن حوالي 60% من الشباب الراغب في الزواج يفضل الفتيات ذات الأوزان الزائدة والتي تسمى بمسميات دارجة كالفتاة الراوية أو الممتلئة، وفقا لدراسة أعدها مبينا أن هذه النظرة نظرة عربية قديمة تحكيها كتب التراث، ويشجع على ذلك الدعم القوي من الأم أو الأقارب والذين غالبا ما يكون لهم نفس التوجه، وهذا الوزن المرغوب يتراوح ما بين الزيادة في الوزن إلى الدرجة الأولى من السمنة وهو ما أطلق عليه مجازا بالسمنة الاجتماعية، لافتا إلى ضرورة إيجاد مجتمع جديد تتغير معه النظرة للمعايير الجمالية للمرأة بصفة خاصة.
وأكد الدكتور أبو ملحة أنه لا بد من الاعتراف بمشكلة السمنة وإعطائها حجمها المناسب من الأهمية من قبل الجهات المختلفة، لاسيما وقد أصبحت تشكل خطرا كبيرا حيث وصلت نسبة انتشارها
بدرجاتها المختلفة إلى 67% بين النساء ، و55% بين الرجال و20% من الأطفال في بلادنا وهي نسبة عالية ومخيفة، مبينا أنها تضاعف نسبة انتشار الأمراض المزمنة كالسكري من حوالي 5% منذ عقد السبعينيات حتى 20% في الوقت الحالي. واقترح الدكتور أبو ملحة أن يتم إنشاء جمعية طبية سعودية للسمنة وأمراضها تضم كل المهتمين والمتخصصين من الأطباء والجراحين لمكافحة هذا المرض، بالإضافة إلى إنشاء أول قناة متخصصة في أمراض الوزن.
الأربعاء, 07 اكتوبر, 2009 07:33